ماذا نعرف عن قضية “تنظيم العدالة والكرامة” أو “الإمارات 84″؟

0 minutes, 29 seconds Read
المحكمة الاتحادية العليا في الإمارات

صدر الصورة، Reuters

  • Author, منال خليل
  • Role, بي بي سي نيوز عربي
  • قبل 55 دقيقة

"رسالتي إلى والدي هي أن يبقى صامداً إلى أن نلتقي من جديد".

بهذه الكلمات وجّهت الناشطة في مجال حقوق الإنسان وابنة المعتقل عبد السلام درويش المرزوقي، جنان المرزوقي رسالة لوالدها الموقوف في سجون الإمارات منذ عام 2012، والذي حُكم عليه بالسجن المؤبد في القضية المعروفة بـ "الإمارات 84" في جلسة النطق بالحكم التي عقدت يوم الأربعاء في العاشر من يوليو/تموز. "

لم تدم الجلسة سوى 7 دقائق فقط وشابها كثير من التخبّط، إذ لم تُذكر أسماء كثير من المعتقلين أو الأحكام التي صدرت بحقهم، كما لم يُسمح لأيّ من الأهالي بالدخول إلى قاعة المحكمة أو رؤية أبنائهم الموقوفين"، تقول المرزوقي لبي بي سي نيوز عربي.

ماذا تعني "الإمارات 84"؟

تُعرف القضية في الأوساط الحقوقية بـ "الإمارات 84" نظرا للمحاكمة الجماعية لـ 84 شخصا، من بينهم معارضون سياسيون وناشطون حقوقيون وأكاديميون، نحو 66 منهم يقبعون في السجون الإماراتية فيما البقية يحاكَمون غيابيا.

أما في الإعلام المحلي الإماراتي، فتُعرف القضية بـ "قضية تنظيم العدالة والكرامة الإرهابي"، لاتهامهم بالارتباط بحركة الإخوان المسلمين المصنّفة "إرهابية" في الإمارات، عبر تأسيس "لجنة العدالة والكرامة".

ويقول ناشطون حقوقيون إن القضية امتدادٌ لقضية "الإمارات 94"، إذ من بين المتهمين عددٌ كبيرٌ من السجناء الذين سبق أن حوكموا بشكل جماعي عام 2013 في قضية عُرفت باسم قضية "الإمارات 94"، ومعظم هؤلاء ما زالوا خلف القضبان حتى اليوم بعد انقضاء مدة العقوبة الصادرة بحقهم.

يشرح الكاتب والإعلامي الإماراتي، أحمد النعيمي، وهو أحد أعضاء مركز مناصرة معتقلي الإمارات لبي بي سي أن قضية "الإمارات 94" ترتبط "بإنشاء لجنة مناصرة تابعة لجمعية الإصلاح"، والتي يقول إنها حُلت عام 2013 وحوكم أفرادها بشكل جماعي.

ويضيف النعيمي أن "لجنة العدالة والكرامة" كانت من ضمن هذه القضية وقد تم البتّ فيها، لكن يُعاد محاكمة المتهمين مرة أخرى على أساس أنهم أخفوا معلومات وأن هذه اللجنة عبارة عن منظمة إرهابية، و"هذا أمر كاذب" يقول النعيمي، لا بل ضُمّ إلى "مجموعة 94" بعض الأفراد الجدد وحوكموا في الموضوع نفسه الذي بُتّ فيه سابقا، وهذا برأيه "مخالف لأبسط المبادئ القضائية في الإمارات وفي العالم".

وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد أصدرت بدورها تقريرا أشارت فيه إلى أنّ من بين المتهمين بقضية "الإمارات 84"، عددا كبيرا من السجناء الذين سبق أن تمت محاكمتهم بشكل جماعي في عامي 2012 و2013 في قضية "الإمارات 94"، ومعظم هؤلاء محتجزون تعسفيا الآن بعد انقضاء مدة العقوبة الصادرة بحقهم، ومن بينهم عضو مجلس إدارة مركز الخليج لحقوق الإنسان أحمد منصور والأكاديمي الدكتور ناصر بن غيث وعشرات آخرون اعتُقلوا بعد توقيعهم على عريضة تدعو إلى الإصلاح عام 2011، بالإضافة إلى آخرين في المنفى.

صورة رمزية لمعتقل

ما هي الأحكام التي صدرت؟

تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة

غزة اليوم

غزة اليوم

بودكاست يومي يتابع التطورات الميدانية والإنسانية في قطاع غزة من خلال مشاهدات الغزيين ومتابعات الصحفيين والمراسلين والخبراء في الشأن الإنساني.

الحلقات

يستحق الانتباه نهاية

تراوحت الأحكام الصادرة عن محكمة أبو ظبي الاتحادية الاستئنافية بالسجن بين 10 سنوات والسجن المؤبد لـ 43 شخصا، فيما برز حكمٌ وحيد بالبراءة لأحد المتهمين.

بحسب وكالة الأنباء الإماراتية (وام)، قضت محكمة أبو ظبي الاتحادية الاستئنافية – دائرة أمن الدولة بإدانة 53 متهما من "قيادات وأعضاء تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي"، وست شركات في القضية، وبمعاقبتهم بعقوبات تراوحت بين السجن المؤبد والغرامة البالغ قدرها عشرين مليون درهم.

وفي التفاصيل، فقد حكمت المحكمة على 43 متهما بالسجن المؤبد عن "جريمة إنشاء وتأسيس وإدارة تنظيم لجنة العدالة والكرامة الإرهابي بغرض ارتكاب أعمال إرهابية على أرض الدولة"، وبمعاقبة خمسة متهمين بالسجن لمدة 15 سنة عن جريمة تعاونهم مع تنظيم "دعوة الإصلاح الإرهابي" ومناصرته في مقالات وتغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي، وبمعاقبة خمسة متهمين آخرين بالسجن لمدة 10 سنوات وتغريم كل منهم عشرة ملايين درهم عن جرائم غسل الأموال المتحصلة من جرائم إنشاء وتأسيس تنظيم إرهابي وتمويله.

وأضافت (وام) أن المحكمة عاقبت ست شركات مع المسؤولين عنها بتغريم كل منها مبلغ عشرين مليون درهم وبحلّ وإغلاق مقار تلك الشركات ومصادرة أصولها وحقوقها المادية والمعنوية والأموال والعقارات والواجهات المملوكة لها، ومصادرة المواد والأدوات وكافة المتعلقات المضبوطة المتحصلة والمستخدمة في الجرائم المسندة إليها، وهي جرائم غسل الأموال الواقعة من "جماعة إجرامية منظمة واستخدام متحصلات غسلها في تمويل تنظيم إرهابي".

كذلك، حكمت المحكمة بانقضاء الدعوى الجزائية لـ 24 من المتهمين عن جرائم التعاون وإمداد تنظيم "دعوة الإصلاح الإرهابي" بالمال.

يعتقد المدافعون عن حقوق الإنسان أن السلطات الإماراتية رفعت القضية الجديدة لإبقاء المعارضين محتجزين إلى أجل غير مسمى.

جنان المرزوقي الناشطة في مجال حقوق الإنسان وابنة المعتقل عبد السلام درويش المرزوقي وصفت المحاكمة بأنها "صورية" لتبرير عملية الاعتقال التعسفي، وأشارت إلى أنها تفتقر لأبسط أساسيات المحاكمة العادلة، "في انتهاكات أشد وطأة من التي شهدناها في المحاكمة الأولى عام 2013، إذ لم يُعطَ المحامي ملف القضية إلى يومنا هذا ولم يُكرَث لأي من دفاع المعتقلين أو المحامين، حتى أنه لم يسمح لبعض المتهمين بالدفاع عن أنفسهم"، تقول المرزوقي.

بدوره يرى عضو مركز مناصرة معتقلي الإمارات أحمد النعيمي أن هدف هذه المحاكمة هو إضافة أحكام جديدة على المعتقلين في قضية "الإمارات 94"، ويرى أنه من الواضح أن الحكومة الإماراتية تريد شرعنة تمديد عملية الاعتقال عبر المحاكمة من جديد وعبر عدم الحفاظ على المبادئ الرئيسية للقانون الجنائي في الإمارات، أي المحاكمة على سابقة حُكم تمّت قبل 12 سنة.

لكنّ المحكمة أكدت في أسباب حكمها، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية، أن الجريمة التي عاقبت المتهمين عنها "بإنشاء وتأسيس وإدارة تنظيم لجنة العدالة والكرامة الإرهابي"، هي جريمة مغايرة وتختلف عن الجريمة التي حوكموا عنها عام 2012، وأن الأدلة المقدمة في القضية بما فيها اعتراف عدد من المتهمين وشهادات الشهود والتقارير الفنية المقدمة فيها، كافية لإثبات الجريمة في حق المتهمين.

أحكام بالسجن المؤبد وغرامات مالية في قضية "تنظيم العدالة والكرامة الإرهابي"

صدر الصورة، X/WAMNEWS

وأضافت وكالة الأنباء الإماراتية أن المحكمة "اطمأنت الى أن المتهمين وهم من المنتمين إلى تنظيم دعوة الإصلاح المرتبط بالإخوان المسلمين المصنف إرهابياً، عملوا على صنع واستنساخ أحداث عنف متشابهة ومتكررة في الدولة لما حدث بدول عربية من مظاهرات والاصطدام بين الأمن وجموع المتظاهرين وسقوط الضحايا من القتلى والمصابين في الميادين والشوارع وتخريب المنشآت وما ترتب على ذلك من إشاعة الذعر والرعب بين الناس وصنع أزمة تهدد النظام العام والاستقرار وسيادة الدولة وتعرض حياة الأفراد وسلامتهم والممتلكات للخطر".

وأضافت الوكالة أن المحكمة أحالتهم بتلك الجرائم طبقا للقوانين السارية وقت ارتكابها، إعمالا لمبدأي عدم رجعية القوانين الجزائية وعدم جواز محاكمة المتهم عن ذات الفعل مرتين، علما أن النيابة العامة كانت قد أعلنت في فبراير/شباط الماضي أن القضية الحالية تتعلق بتأسيس تنظيم إرهابي يهدف إلى زعزعة الاستقرار ونشر الكراهية، فيما القضية السابقة متعلقة بمحاولة الانقلاب على الحكم.

كيف قرأت المنظمات الحقوقية الدولية الأحكام؟

المقرر الأممي المعني بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب بن سول وفي تغريدة له على X دان "إساءة استخدام الإمارات لقانون مكافحة الإرهاب لتوجيه تهم للعديد من الأشخاص الذين دعوا سلميا إلى الإصلاح السياسي خلال الربيع العربي".

أما منظمة هيومن رايتس ووتش فرأت أن "هذه الأحكام الطويلة المبالغ فيها تهزأ بالعدالة وتمثل مسمارا آخر في نعش المجتمع المدني الناشئ في الإمارات".

وبحسب بيان صادر عنها، اعتبرت المنظمة الحقوقية أن الإمارات قدمت عشراتٍ من أكثر المدافعين الحقوقيين وأعضاء المجتمع المدني تفانيا إلى محاكمةٍ وصفتها بـ "الجائرة والمخزية المليئة بانتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة وادعاءات التعذيب".

الباحثة في شؤون الإمارات في هيومن رايتس ووتش جوي شيا قالت لبي بي سي نيوز عربي إن هذه المحاكمة الجماعية لما لا يقل عن 84 مدافعا حقوقيا ومعارضا سياسيا شابها كثير من الانتهاكات، كما استندت إلى محاكمة غير عادلة منذ بدايتها، وعندما قررت السلطات الإماراتية توجيه التهم إليهم بينما كانت أعين العالم على الإمارات من خلال استضافتها لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ (كوب 28).

وأضافت شيا أن المنظمة تدين هذا الحكم "غير العادل" بأشد العبارات، داعية السلطات الإماراتية إلى إطلاق سراح جميع المتهمين فوراً ودون قيد أو شرط.

كذلك دعا حلفاء الإمارات، وأبرزهم الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى مطالبة الإمارات بالإفراج الفوري وغير المشروط عن هؤلاء المتهمين، قائلين إن العديد منهم قضى أكثرَ من عقدٍ من الزمن في السجن، وليس عليهم أن يقضوا يومًا إضافيا واحدًا رهن الاحتجاز.

منظمة العفو الدولية وصفت بدورها المحاكمة بأنها "محاكاة ساخرة ووقحة للعدالة"، مشيرةً إلى انتهاكات للمحاكمة العادلة، فـ"محاكمة 84 إماراتيًا دفعة واحدة بينهم 26 من سجناء الرأي والمدافعين المعروفين عن حقوق الإنسان، ترقى بالكاد إلى مستوى ممارسة مقنعة لمعاقبة المعارضين".

الباحث في شؤون الإمارات في منظمة العفو الدولية ديفين كيني وفي حديث لبي بي سي قال إن السلطات الإماراتية لم تعطِ المتهمين ولا أهاليهم أي مستند من مستندات الملف منذ بدء المحاكمة، لافتا إلى أن القضية تتّسم بعدم شفافية السلطات الإماراتية.

وأضاف كيني أن المحاكمات الجماعية ممنوعة منعا باتا في القانون الدولي، وأن هذه المحاكمة تحديدا كانت "جائرة للغاية"، ولهذه الأسباب تنادي "العفو الدولية" السلطات الإماراتية بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين وإلغاء أحكامهم.

انتهاكات وضغوط

مدافعون عن حقوق الإنسان يحتجون تضامنا مع السجناء السياسيين في مصر والإمارات.  الإمارات العربية المتحدة، 9 ديسمبر 2023.

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة، مدافعون عن حقوق الإنسان يحتجون تضامنا مع السجناء السياسيين في مصر والإمارات. الإمارات العربية المتحدة، 9 ديسمبر 2023.

تحدثت تقارير سابقة عن انتهاكات تعرّض لها الموقوفون، وعن تقييد الوصول إلى مواد ومعلومات حول القضية.

بحسب عضو مركز مناصرة معتقلي الإمارات أحمد النعيمي، احتُجز عددٌ كبير من الموقوفين في السجن الانفرادي لانتزاع اعترافات معينة تحت ضغط التعذيب، ثم انقطع التواصل مع أهاليهم لفترة طويلة من الزمن، كما مُنعت الزيارات منذ فترة كورونا حتى للمحامين.

وأضاف النعيمي أنه مع نهاية نوفمبر/تشرين الثاني وبداية ديسمبر/كانون الأول الماضيين، اتصل المعتقلون بأهلهم وأبلغوهم بوجوب تعيين محامين في قضية جديدة من دون معرفة ماهيتها، ويشير إلى أن المحامين لم يكن لديهم ملف القضية حتى في المحاكمة الأولى كما لم يتمكنوا من الالتقاء بالمتهمين قبل المحاكمة، وفوجئوا أن القضية تتعلق بالإرهاب.

كذلك تحدث أحد التقارير الصادرة عن منظمة هيومن رايتس ووتش عن أن السلطات الإماراتية قامت بتقييد الوصول إلى مواد ومعلومات القضية وأحاطت جلسات الاستماع بالسرية، كما أعربت المنظمة عن قلقها من وصف المتهمين مرارا وتكرارا ظروف احتجازهم التعسفية، مثل الاعتداءات الجسدية والحرمان من الأدوية والرعاية الطبية اللازمة والموسيقى الصاخبة المتواصلة والتعري القسري والحبس الانفرادي لمدة عام على الأقل، "والتي قد ترقى إلى مستوى التعذيب".

وذكر أحد تقارير هيومن رايتس ووتش أنه خلال جلسات المحاكمة الأربع الأولى في القضية، ذُكر أن السلطات أجلست ذوي المتهمين في قاعة منفصلة لمتابعة وقائع المحاكمة بواسطة شاشة ذات صوت معيب، وفي الجلسة الثانية كان الصوت مقطوعا تماما، الأمر الذي منع الأهالي من متابعة الإجراءات.

منظمة العفو الدولية تحدثت بدورها عن احتجاز المتهمين في الحبس الانفرادي لفترات طويلة وحرمانهم من النوم من خلال الموسيقى الصاخبة المتواصلة ومن الاتصال بأسرهم ومحاميهم.

كما أشارت إلى أنّ من بين الانتهاكات، منع المحامين من الحصول على أبسط وثائق المحكمة وبالتالي إعداد الدفاع بشكل مناسب، ومنع أفراد عائلات المعتقلين مرارًا وتكرارًا من دخول قاعة المحكمة لمراقبة جلسات المحاكمة.

في المقابل، ذكرت وكالة الأنباء الإماراتية أن المحكمة كفلت للمتهمين خلال ما يزيد على عشر جلسات، جميع حقوقهم وضماناتهم المقررة قانونا، ومكّنتهم من اختيار محاميهم وندبت محاميا للدفاع عن كل متهم ليس له محام، واستمعت لدفاعهم ومحاميهم واطلعت على ما قدموه من مذكرات دفاع مكتوبة.

وأشارت (وام) إلى أن الحكم قابل للطعن عليه أمام المحكمة الاتحادية العليا، الأمر الذي قللت الناشطة في مجال حقوق الإنسان وابنة المعتقل عبد السلام درويش المرزوقي جنان المرزوقي من شأنه، معتبرة أنه "بعد الانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان التي شهدناها في الجلسات الماضية والأحكام العبثية التي صدرت بحق المتهمين، لن تختلف أي جلسة استئناف كثيرا عن الجلسات السابقة".

المصدر: https://www.bbc.com/arabic/articles/cv2g8jk19l1o

Similar Posts